0
/ 31
التغير المناخي وفضلات البشر يدمران مزارع دمياط السمكية
التاسع من سبتمبر 2021، يوم لا ينساه الأَخَوَانِ علي وحسانين فيالة. استيقظ الشّابان يومها فجراً كعادتهما، وتوجّها سوية إلى مزرعتهما السمكية في منطقة "شطا" التابعة لمحافظة دمياط. كانا يريدان وضع العلف للأسماك، لكنّهما كانا على موعد مع صدمة عقدت لسانيهما. فوق سطح المياه، كانت الأسماك تطفو هامدة منتفخة البطن.

لم تكن تلك حالة النفوق الأولى التي تتعرّض لها أسماك عائلة فيالة، فقد اعتادت موت أسماكها في السنوات الخمس الأخيرة. نفوق سبّبته عوامل التغير المناخي وعلى رأسها الارتفاع غير المسبوق في درجات الحرارة، ضاعف الأزمة محاصرة التلوث القادم من محطات الصّرف الصحي لمنطقة مثلث الديبة الواقعة في مدينة شطا بمحافظة دمياط.

التسرب النفطي المتكرر يتغلغل أيضا للشعاب المرجانية - حاضنة الأحياء البحرية- وسط ضعف هيئات حماية البيئة والبترول وعدم التزام شركات نفط بقوانين حماية البيئة والتنقيب البحري. يفاقم المشكلة تراشق بالاتهامات بين وزارة البيئة وهيئاتها الرقابية وبين الشركة العامة للبترول، المتهم الرئيس بتلويث البيئة هناك، بحسب ما يكشف هذا التحقيق.

ولكن النفوق الأخير في سبتمبر الماضي كان الأصعب، حيث اضطرّت العائلة إلى الاقتراض من البنك لشراء "الزرّيعة". على امتداد 15 شهرا، أطعمت العائلة أسماكها بمعدّل حاوتي علف يوميا، كان سعر الحاوية الواحدة يتخطّى الـ800 جنيها (51 دولار)، وكان آل فيالة يأملون أن يعوّض الإنتاج خسائرهم ويمكّنهم من تسديد ديونهم للبنك ومستحقات القيمة الإيجارية للمزرعة لهيئة الثروة السمكية التابعة لوزارة الزراعة.

غير أنّ الأسماك نفقت، وتبدّدت معها آمال العائلة. ليس آل فيالة الوحيدين على هذا الحال، تعاني أكثر من 1300 مزرعة سمكية في محافظة دمياط من مياه الصرف الصحي المتسرّبة من محطات القرى المتراصة على ساحل بحيرة المنزلة في دمياط (الخياطة - رأس البر- البرج -دمياط). تتسلّل مياه الصرف الصحي إلى مزارعهم السمكية، فتقتل أسماكهم وتزيد ديونهم وسط ضعف الرقابة من وزارة البيئة.

يكشف هذا التحقيق عدم مطابقة مياه الصرف الصحي التي يتم صرفها في البحيرة للمواصفات البيئية التي اشترطها قانون البيئة المصري رقم 9 لسنة 2009 ولائحته التنفيذية. يفاقم الأزمة ارتفاع مستويات التلوث عن المعايير الدولية، إذ جمعت معدة التحقيق كائنات بحرية من المزارع السمكية وعينات من التربة والماء في مناطق عدّة، وأخضعتها للفحص المخبري، الذي أكّد عدم صلاحية الأسماك للاستخدام البشري، ما يهدّد مربي الأسماك بالخسارة المادية وقاطني المنطقة بالأمراض.

على بعد 236 كيلو من محافظة القاهرة تقع محافظة دمياط، في الجزء الشمالي الشرقي من الدولة، يزيد عدد سكانها عن المليون ونصف نسمة وفقا لجهاز التعبئة والإحصاء المصري.
يتم زراعة الأسماك البحرية فقط في مثلث الديبة وهم القاروص والوقار والحنشان والجمبري والعائلة البورية.

المزارع السمكية التي يستأجرها آل فيالة وجيرانهم تتبع مثلث الديبة وهو الجزء الشمالي لحدود بحيرة المنزلة ويقع كاملا داخل حدود محافظة دمياط وحدوده من الناحية الغربية طريق دمياط-عزبة البرج بطول 15 كم ويمثل قاعدة المثلث ومن الشمال طريق دمياط بورسعيد الساحلي القديم على ساحل البحر الأبيض المتوسط.

الضلع الثالث طريق دمياط شطا- بورسعيد وحتى الديبة والتى تمثل رأس المثلث فى الجانب الجنوبي وذلك وفقا الهيئة العامة لتنمية الثروة السمكية.

تعاني منطقة مثلث الديبة في دمياط من تلوث تاريخي ناجم عن مياه الصرف الصحي غير المعالجة من محطة الخياطة لعدم كفاءتها وكذلك عن مخلفات مساكن المجتمعات في منطقة طبل والرطمة وبعض أماكن عزبة البرج، إضافة إلى التلوث الناجم عن الصرف الزراعى المحمّل بالمبيدات من منطقة الشيخ درغام بالخياطة، وذلك وفقا لهيئة العامة لتنمية الثروة السمكية.

يضيف على ذلك الرئيس الأسبق لهيئة الثروة السمكية في دمياط، صلاح أبو جمعة، مصادر أخرى للتلوث وهي الصرف الصناعي من ميناء دمياط وكذلك الشركات من من المنطقة الصناعية بدمياط فيدخل التلوث لقناة البط ثم الرطمة ثم يدخل ذلك الصرف ممتزجاً بالمياه البحرية أثناء عملية الري للمزارع السمكية.

يؤكد ذلك شكوى تقدم بها أحد مستأجري المزارع السمكية ضد محطة الصرف الصحي بعزبة البرج في ديسمبر 2017، وحصلت معدة التحقيق على نسخة منها.
أمر حينذاك رئيس شرطة البيئة والمسطحات المائية بدمياط بتكليف أحد المختصين بإدارة شؤون البيئة لعمل تقرير معاينة عن الصرف الناتج عن المحطة. خلص التقرير إلى أن جميع مراحل المعالجة في محطة عزبة البرج متوقفة كلياً حيث أن مياه الصرف تدخل إلى المحطة وتنتقل من مرحلة معالجة إلى أخرى حتى تصل إلى المخرج (بحيرة المنزلة) دون أن تكون قد خضعت إلى أي نوع من أنواع المعالجة.

يخالف هذا الوضع قانون البيئة ولائحته التنفيذية الذين ألزما المنشآت، التي يصرّح لها بتصريف المواد الملوثة القابلة للتحليل، بمعالجتها أولاً. ويمنح صاحب الشأن في حالة المخالفة مهلة بشهر واحد لمعالجة المخلفات لتصبح مطابقة للمواصفات والمعايير المحددة التي وضعتها وزارة البيئة. ويوقف التصريف بالطريق الإداري ويسحب الترخيص الصادر للمنشأة إن لم تتحقق المعالجة خلال المهلة المشار إليها أو ثبت من التحليل خلالها أن استمرار الصرف من شأنه إلحاق أضرار جسيمة بالبيئة المائية.

حصلت معدّة التحقيق على نسخة من تقرير صادر عن معمل الطب الوقائي بمحافظة دمياط عام 2018. يكشف التقرير أن نتائج عينات التحليل الذي أجراه فريق إدارة صحة البيئة بالمحافظة لمحطة الصرف الصحي ومعالجة المياه بعزبة البرج بدمياط غير مطابقة لقانون البيئة المصري ولائحته التنفيذية. وذلك لارتفاع الأكسجين الحيوي الممتص والأكسجين الكيماوي المستهلك، والزيوت والشحوم والأمونيا وكبريتيد الهيدروجين عن الحدود التي سمحت وزارة البيئة بصرفها في المسطحات المائية.

لا يسمح بالصرف فى البيئة البحرية إلا على مسافة لا تقل عن 500 مترا من خط الشاطئ ، كما لا يسمح بالصرف فى مناطق صيد الأسماك أو مناطق الإستحمام أو المحميات الطبيعية بما يحافظ على القيمة الإقتصادية أو الجمالية للمنطقة. قانون البيئة المصري رقم 4 لسنة 1994

اطلع على مستندات التحليل

لا يُنكر صلاح أبو جمعة، الدور الذي لعبته هيئة الثروة السمكية في السنوات السابقة من تطهير وعمليات تكرير للتخلص من التلوث المجاري المائية المتمثلة في قناة الرطمة وقناة الصوبارة وقناة البط ولكن يؤكد صلاح أنه رغم كل هذه الجهود فإن التلوث لم يتوقف حتى الآن لعدم وقف محطات الصرف الصحي إلقاء مياها غير المعالجة في القنوات المائية.

img1

تمتزج العوامل البشرية مع العوامل الطبيعية -ارتفاع درجات الحرارة- فيكون الأثر مُضاعفاً. إذ يقول الرئيس الأسبق لهيئة الثروة السمكية بدمياط صلاح أبو جمعة إنّه لا يمر عام في دمياط دون نفوق للأسماك، ويضيف شارحا:"عملية النفوق تكون جبارة. تموت الأسماك التي يتعب المزارعين على تربيتها أكثر من 20 شهر بين ليلة وضحاها".

وقد ذكرت دراسة حديثة عن تأثيرات تغير المناخ على بحيرة المنزلة أنه من الممكن أن يؤدي تغير المناخ إلى زيادة درجة حرارة الماء، وهو ما يمكن أن يؤدي إلى تغييرات في النظم البيئية للبحيرة وكذلك تغييرات في إنتاجية الأسماك. كما أن التغيرات في ملوحة الماء قد تؤدي إلى تأثيرات بيئية جمّة على البحيرة ومصايد الأسماك، ومن المحتمل أن تصبح البحيرة غير مناسبة لتربية أنواع كثيرة من الأسماك مستقبلاً.

ارتفعت درجات الحرارة في مصر بمعدل 0.1 درجة مئوية لكل عقد في المتوسط ​​بين الفترة 1901-2013 ، حسب البنك الدولي. وتوقّع هذا الأخير ارتفاع المتوسط السنوي لدرجات الحرارة بنسبة 3% في السنوات القادمة، مما سيكون له أثر كبير على الكائنات البحرية. وقد تكون الأسماك حساسة بشكل خاص لتقلبات درجات الحرارة الناتجة عن تغير المناخ لذلك فمن المتوقع حدوث عمليات نفوق شديدة ومتزايدة بسبب الارتفاع الغير مسبوق لدرجات الحرارة.

سمك بمياه الصرف الصحي

يقول حسام وفدي شيخ الصيادين بعزبة البرج في دمياط إن التلوث الناتج عن الصرف الصحي إن لم يؤدي إلى نفوق الأسماك فإنه يؤثر بشكل كبير على انخفاض العملية الإنتاجية ونقص حجم الأسماك. ويعتقد وفدي أن المشكلة الأكبر هو طول دورة الإنتاج الواحدة لأسماك المزارع السمكية بدمياط. ذلك أن المنطقة لا تصلح إلا لزراعة الأسماك البحرية ذات التكلفة العالية فقط، وتحتاج الأسماك من 20 إلى 30 شهرا حتى تنمو. يتكبد المُزارع/مربي الأسماك خلال تلك المدة مصاريف ضخمة.

تنقسم تكلفة تربية الأسماك، كما يشرح الرئيس الأسبق لرئيس هيئة الثروة السمكية، صلاح أبو جمعة، بين تكاليف الزريعة و العلف، والمواد البترولية التي يستخدمها المزارع في الماكينة المستعملة في رفع المياه والعمالة في المزرعة وأخيراً إيجار أرض المزرعة من الثروة السمكية الذي زاد أربع أضعاف في الفترة الآخيرة.

"بعد كل تلك التكاليف يخسر المزارع أسماكه وأمواله، بسبب عدم معالجة مياه الصرف الصحي وموجات الحر الشديدة. وإن لم يكن ذلك فإن التلوث بالصرف يؤدي إلى انخفاض حجم الأسماك" يروي أبو جمعة.

قلت أحجام الأسماك التي أعتاد مربو شطا تربيتها من 500 جرام إلى 150 - 200 جرام، وبدلا من أن يكون الكيلو الواحد عبارة عن سمكتين، بعد التشبع بالتلوث يصبح 4 أو خمس سمكات وكل ذلك له خسارة اقتصادية على مربي الأسماك.

اعتاد علي فيالة في سنواته الأولى في المزرعة أثناء عمله مع أبيه على الحصول على 4 طن أسماك من الفدان الواحد، أما الآن فلا يكاد الإنتاج يتخطى حدود الـ 50 إلى 80 كيلو. يحتوي الكيلو الواحد حوالي 3 سمكات.

تبلغ مساحة مزرعة آل فيالة 44 فدانا. ورث الأخوان علي وحسانين إضافة إلى 4 أخوة آخرين المزرعة والمهنة من أبيهم، لم يعرفوا حرفة لهم غير تربية الأسماك البحرية داخل مزرعتهم.

يستذكر حسانين، الأخ الأصغر لـ "علي" ، الخير الوفير الذي كانت توفره لهم المزرعة: "كان عمري 6 أعوام عندما بدأ أخي الأكبر العمل في المزرعة، كان أبي يمنعني من الذهاب معه من أجل استذكار دروسي ولكني كنت أحفظ الطريق إلى المزرعة واذهب لمساعدة أبي وأخي لأني أحب مشاهدة نمو السمك أمام عيني يوميا" لكن مرّبي الأسماك يصاب اليوم بالإحباط كلّما عاين الحالة التي وصلت لها المزرعة. " لا أسامح نفسي بسبب عدم قدرتي على الحفاظ على الإرث الذي تركه أبي لنا".

تصيب مياه الصرف الصحي الأسماك بالأمراض الفيروسية والبكتيرية والفطرية وتسبب لها أوراما خبيثة، وفق منظمة الأغذية والزراعة (FAO).

وتفيد إحصائية الإنتاج السمكي في مصر الصادرة عن جهاز التعبئة والإحصاء المصري بتراجع إنتاج المزارع السمكية في دمياط، فوصل عام 2019 إلى 256667 طن، بينما في عام 2018 وصل لـ 264599 طن، رغم أن عدد المزارع السمكية في محافظة دمياط زادت من 42679 مزرعة في 2018 إلى 62701 مزرعة في 2019. يتوزع العدد بين مزارع أهلية سواء إيجار أو مؤقتة ومزارع حكومية.

يقول أستاذ الاستزراع السمكي بجامعة الأزهر د. محمود خيري إن تلوث الأسماك له مستويات مختلفة من حيث التأثير. حيث يؤثر على الأسماك بالتسبّب في موتها أو تأخر نموّها أو تعريضها لأمراض شتّى وبالتالي تبديد المزارعين خسائر كبيرة في الإنتاج.

أمّا تأثيره على الإنسان فيكون بتعريضه لعدّة أمراض، ذلك أن بعض الملوثات (المعادن الثقيلة) لا تموت خلال الطهي السريع للأسماك ممّا يجعلها تنتقل إلى جسم الإنسان لتكمل حياتها بداخلة مُسبّبه له الكثير من الأمراض. لذلك حددت منظمة الصحة العالمية حدود معينة للمعادن الثقيلة التي تتواجد في أجسام الأسماك، في حال تخطيها تُصبح غير صالحة للاستخدام الآدمي، لأنها بالتأكيد ستؤذي من يتناولها.

أخضعت معدة التحقيق عينات أسماك ومياه وتربة للفحص المخبري في المعهد القومي لعلوم البحار والمصايد التابع لوزارة التعليم العالي والبحث العلمي. حيث جمعت عينات من المياه في المنطقة المحيطة بمحطات الصرف الصحي التي يتم بها ري المزارع، والمياه التي تعيش فيها الأسماك في مزرعة آل فيالة، و عينات أخرى من تربة المزرعة وأسماكها.

أظهرت نتائج التحاليل تجاوز نسبة المعادن الثقيلة السمّية في المياه والتربة والأسماك للحدّ المسموح به للاستخدام الآدمي، بمعايير منظمة الصحة العالمية والاتحاد الأوروبي.

يؤكد أستاذ العلوم البحرية ورئيس معمل معهد علوم البحار والمصايد فرع قناة السويس الذي أجرى التحليل، خالد المصلحي، مخالفة مصارف الصرف الصحي في دمياط للمواصفات البيئية. ويقرّ بخطورة تناول هذه الأسماك وتداولها لأنها تعيش في وسط سُمي غير صحي وهو ما أكده التحليل. ذلك أنّ ارتفاع المعادن الثقيلة في المياه والأسماك مثل الحديد والكادميوم والحديد والنيكل والفوسفات والمنجنيز من شأنه إصابة الأسماك وأكاليها والعاملين في المزارع السمكية بالكثير من الأمراض.

دمّرت مخلّفات المصانع المكان الذي يعتبره التميمي محور حياته. "البحيرة ماتت من التلوث. الدولة نفسها تعاني من أصحاب المصانع. تدفع مليارات سنوياً لاصلاح المخلفات ولكن تعود المصانع من جديد وترمي مخلفاتها".

تأثير العناصر الثقيلة على البشر والأسماك

التأثير على السمك

يتركز الكادميوم في الكبد والكلى وانسجة الأسماك.


التأثير على الإنسان

يتراكم الكادميوم في الجسم على مدى العمر قد يصل عمر النصف البيولوجي إلى 38 عامًا.
شديد السمية، والتعرض له يسبب السرطان ويتسبب في أمراض القلب والأوعية الدموية والكلى والجهاز الهضمي والجهاز العصبي والتناسلي والجهاز التنفسي.

التأثير على السمك

يؤدي إلى تراكم بيولوجي كبير في أنسجة معينة في الأسماك. ينتج الإجهاد التأكسدي و السمية العصبية والتغيرات المناعية.


التأثير على الإنسان

يؤدي إلى فقر الدم والضعف وتلف الكلى والدماغ. قد يؤدي التعرض الشديد للرصاص إلى الوفاة. يمكن أن يعبر الرصاص حاجز المشيمة، مما يعني أن النساء الحوامل المعرضات للرصاص يعرضن الجنين أيضًا للخطر.

التأثير على السمك

يؤدي استخدام النحاس المزمن إلى إتلاف الخياشيم والكلى والطحال والأعضاء والأنظمة الأخرى.


التأثير على الإنسان

التعرض المزمن أو طويل الأمد لمستويات عالية من النحاس يؤدي إلى الإسهال والصداع والفشل الكلوي.

التأثير على السمك

يؤدي إلى تأثيرات سمية حادة ويتسبب في نفوق الأسماك وانخفاض معدل النمو.


التأثير على الإنسان

تليف الرئة أمراض القلب والأوعية الدموية. سرطان الرئة؛ سرطان الأنف

التأثير على السمك

تسبب سمية الكوبالت في أكسدة الدم وتثبيط قنوات الكالسيوم غير العضوية في خياشيم الأسماك.


التأثير على الإنسان

يمكن أن يضر العيون والجلد والقلب والرئتين. قد يتسبب التعرض للكوبالت في الإصابة بالسرطان. يعتمد مستوى الضرر على الجرعة والمدة والعمل الذي يتم القيام به.

التأثير على الإنسان

يتسبب التركيز المرتفع للحديد في العديد من الأمراض مثل انخفاض ضغط الدم ونزيف الجهاز الهضمي والسرطان والطفرة الخلوية.

التأثير على السمك

ضعف وظائف الخياشيم، مثل اختلال التوازن المعدني المائي.


التأثير على الإنسان

ضار إذا تم استنشاقه أو ابتلاعه. قد يسبب تهيج في العين والجلد والجهاز التنفسي. قد تتسبب في رعشة وصعوبة المشي وتشنجات عضلات الوجه.

ممنوع التصدير

يشرح محمد مبروك، أستاذ الاستزراع السمكي بكلية العلوم جامعة الأزهر، أنه بسبب التلوث وتركز المعادن الثقيلة السمية أنسجة الأسماك وعضلاتها، فإن بعض الدول ترفض استيراد الأسماك من مصر بسبب تلوثها وتضعها على قوائمها السوداء.
وقد جرّم قانون صيد الأسماك والأحياء البحرية رقم 124 لسنة 1983 استخدام مياه النيل في الاستزراع السمكي في حال تربية أسماك مياه عذبة. يتساءل أستاذ الاستزراع السمكي كيف لدولة أن تثق في أخرى يجبر قانونها أصحاب المزارع السمكية على استخدام مياه الصرف الصحي في تربية الأسماك العذبة؟!

تستورد مصر أضعاف ما تصدره إلى الدول الأخرى، ويلاحظ من تحليل البيانات الصادرة عن جهاز التعبئة والإحصاء الرسمي خلال الفترة بين 2014 و2019، أن حجم الصادرات يزيد بشكل طفيف فوصل في 2014 إلى 29453 طن وفي 2019 35584 طن. أما الواردات تضاعفت خلال نفس الفترة، فكانت في 2014 244280 طن وفي 2019 وصلت لـ 555007 طن.

المصدر: نشرة حركة الإنتاج والتجارة الخارجية، التعبئة والاحصاء المصري

وكان قرار إداري صادر في 27 نوفمبر 2021 عن الحجر البيطري المصري رقم 667 لسنة 2021، قد قضى بوقف صادرات مصر من الأسماك لدول الاتحاد الأوروبي، إلى حين إصدار شهادات الصحة المصاحبة للأسماك المصدرة لتنفيذ التوصيات المطلوبة من المفوضية الأوروبية.
جاء ذلك القرار بعد صدور ملاحظات من الاتحاد الأوروبي حول الأسماك في مصر لعدم مطابقتها لمعايير الاتحاد الأوروبي. حتى أن الوزير المفوض ناصر حامد، مدير ادارة الاتحاد الأوروبي بجهاز التمثيل التجاري، قال أن تلك الملاحظات قد تهدد بصدور قرار بحظر استيراد الأسماك من مصر.
للإطلاع على صورة القرار

ماجد البدراوي، رئيس شعبة الأسماك بالغرف التجارية بمحافظة دمياط، يقول قد تكون أسباب وقف التصدير للدول الأوربية هو تلوث الأسماك بسبب الصرف، إذ أن الدول الأوربية صارمة في الحدود المسموح بها.
يضيف البدراوي أن أنواع معينة فقط تُصدر للدول الأوربية مثل الدنيس والقاروص والطوبار، وهي الأنواع التي يتم زراعتها في منطقة شطا. أما الدول العربية تستورد من مصر الأنواع الأقل جودة وهي البلطي والبوري.

لزاماً علينا الرحيل

لا يبدو أن هموم آل فيالة تعرف حدّا. فقد تضاعفت القيمة الإيجارية لمزرعتهم السمكية خمسة أضعاف. إذ قرر رئيس الوزراء عام 2018 بإنهاء عقود الإيجار الخاصة بـ 1300 مزرعة سمكية في منطقة شطا في دمياط ينتفع منها أكثر من 300 ألف نسمة من سكان قرى محافظة دمياط.

لم يجد أصحاب المزارع السمكية حينذاك بدّا من استكمال العمل في مزارعهم فهي مصدر رزقهم الوحيد، لكنّهم لم يكادوا يتجاوزون الصدمة الأولى حتى فوجئوا برفع القيمة الإيجارية للفدان الواحد من 500 جنيه إلى 3 آلاف جنية. وهكذا أصبحوا مربو الأسماك في منطقة مثلث الديبة بدمياط مُدانين للهيئة العامة لتنمية الثروة السمكية بأكثر من 130 مليون جنيه.

يقول حسانين فياله:" أصبحنا مُدانين للثروة السمكية بمديونية 3 سنوات بما يعادل 132 ألف جنية في السنة. لا أعلم كيف يمكننا تسديد هذا المبلغ وأسماكنا تموت يومياً بسبب التلوث."
يصف الرئيس الأسبق لهيئة الثروة السمكية في دمياط، صلاح أبوجمعة، قرار رفع القيمة الإيجارية بالظالم والجائر في حق مربّي الأسماك في دمياط، لأن "الأمر فُرض عنوة و دون أي دراسة"، حسب تعبيره.

ويوافقه خالد عاشور، محامي أصحاب المزارع المتضررة، مبيّنا أنّ أكثر من 95% من أصحاب المزارع في دمياط مدانون بمبالغ ضخمة للهيئة العامة لتنمية الثروة السمكية، ولا يستطيعون تسديدها. ويشرح أنّ القيمة الإيجارية لا تتناسب مع الدخل والعائد المادي من المزرعة بسبب التلوث مع عدة عوامل أخرى كارتفاع سعر السولار(الديزل) و أسعار الكهرباء.

ويضيف المحامي أن تلك المزارع أنشئت بموجب قانون رقم 24 لسنة 1983 الذي يمنح الحق للمواطنين في إنشاء المزارع السمكية على سواحل بحيرة المنزلة، مع فرض مقابل للإيجار كحق انتفاع. "تلك الأراضي كانت جافة ولا تصلح للصيد الحر فقام بتعميرها أصحاب المزارع منذ عشرات السنوات"، يقول عاشور، مبيّنا أنه من الطبيعي زيادة الإيجار على المنتفعين من المزارع السمكية إلاّ أنّ زيادته بخمسة أضعاف مرة واحدة قرار خاطئ، "لأن هؤلاء الناس في الأساس يعانون أشد المعاناة بسبب التلوث."

قرّر الكثير من المستأجرين التخلّي عن مزارعهم لصالح الهيئة العامة للثروة السمكية والتوقف عن العمل. ولكن حتى قبل تسليم المزارع تطالبهم الهيئة العامة بتسديد ديون الفترة البينية(الفترة الفاصلة بين إيقاف العقود وعودتها) أولاً وإلاّ فإنّ مصيرهم الحبس.

محمد نعيم واحد من هؤلاء، في الثامن عشر من أغسطس لعام 2021، تخلى عن مزرعة أبيه السمكية في منطقة الساحل في شطا بدمياط، بعدما دفع ديونها التي وصلت إلى (250 ألف جنيه) حوالي 15 ألف دولار. لم يكن تجميع المبلغ المُدان به والده أمر هين، فباعت أمه وأخته "الذهب" الخاص بهما، حتى لا يعاقب أحد أفراد العائلة. المنطقة التي تقع فيها المزرعة ملوحتها عالية إذ تصل لـ 70 جزء في الألف ولا تصلح لتربية الأسماك. فوق ذلك، بعدما زادت القيمة الإيجارية للفدان الواحد أربع أضعاف، أصبح نعيم عاجزاً عن استكمال مشروع أبيه. أثناء إخلاء المزرعة حتى يتم تسليمها للهيئة العامة للثروة السمكية، وثق نعيم ذلك بالصور والفيديو، خائفًا أن تطالبه الهيئة فيما بعد بديون أخرى.
مستند الاخلاء

يصف النائب البرلماني، ضياء الدين داود، في فيديو له على صفحته الرسمية على فيسبوك، رفع القيمة الإيجارية بالعبث، حيث أن القيمة غير متساوية، حددتها الهيئة على حسب المكان وقربها من البحر المتوسط والتلوث، وهذا غير منطقي وغير عادل.
مثلاً مزرعة محمد نعيم الملوثة زادت قيمتها الإيجارية من 300 جنيه إلى 2500 جنيه. إذ يقول نعيم إن هذا القرار زاد الفقير فقراً والغني ثراءً.

يقول رئيس شعبة الأسماك بدمياط، ماجد البدراوي، في رده على معدة التحقيق، إن المزارع السمكية بشطا هي الأنظف على مستوى الجمهورية، فالتلوث في المنطقة ينحصر على ثلاث أو أربع محطات صرف صحي فقط، أما المزارع في المحافظات الآخرى تتلوث بمحطات صرف صحي لخمس محافظات مثلا.

ويرفض إسناد سبب نفوق الأسماك للتلوث، ويعتبر أن السبب الأكبر هو جهل المزارعين، إذ يقول إن المزارع يمتلك خبرة قليلة لا تمكنه من العمل في المزرعة، ويضرب مثل على ذلك أن مربي الأسماك يزرع في الحوض الواحد 5 طن مثلا، والحوض يكفيه طن واحد، ويصف ذلك بالجشع والطمع، لذلك يكون مصير الأسماك هو النفوق.

الآن بينما يتساءل حسانين فياله كيف يمكنه النوم وهو مُدان بأكثر من نصف مليون جنيه للثروة السمكية، يقف أخوه عليّ وسط مزرعتهم السمكية واضعا أدوية الأسماك في محاولة لإنقاذها.
تفشل كل محاولاته في يوم صيفي شديد الحرارة لا تتحمّله الأسماك المختنقة بالفعل من التلوّث. فتطفو مُستسلمة على سطح الماء واحدة تلو الأخرى.

ليس هذا سوى يوم مأساوي جديد في حياة مستأجري المزارع السمكية في منطقة شطا بدمياط.